Friday, May 13, 2011

هوشةۘ فابتسامةۘ فلقاءُ



أصبح العالم قرية صغيرة شوارعها الانترنت .. يبنى كلّ منّا بيته في دقائق .. أو إن شاء إتّخذ شقّة في أحد عمارات التواصل .. فعمارة الفيس بوك على سبيل المثال تتبنّى ملايين السكّان وتضع نبذة تعريفيه على باب كل قاطن فيها لتعزيز ما يسمّى بالتواصل الالكتروني! وهناك بنايات ترحّب فقط بسكّان محددين .. فبناية فلكر الأنيقة تزهو بالمصوّرين .. وبناية البلوق العريقة  تطرب بكلمات الأدباء والمفكّرين!

تعرّفت على الكثير من الأصدقاء في هذه القرية الصغيرة حتّى رافقوني الى عالمي الكبير! وأجمل الصداقات هي تلك التي تبدأ بالشجّارأو بالمصطلح الكويتي “هوشة”. الشجّار يحدد مدى تصافي القلوب! الصديق الحق هو الذي لا تتغير معاملته معك بعد اختلافكما! أمّا صديقي الجديد فلم أكن أعرفه قبل الشجارومبادرته لي بالتعارف بعد الشجار دليل على صفاء قلبه!
ما حصل بيننا لا يعدّ شجارا! بل مشادّة كلامية في أحد المواضيع في المدوّنة وبعد إعتذارنا لبعض بدأت زيارتنا الالكترونية لبعض ثم انقطعت لمدة طويلة بسبب مشاغل الحياة!

رجعت الى الكويت وشكوت الى أحد أصدقائي ما أعانيه من فراغ! فعلاقتي مع الفراغ علاقة عدائية! ومللت مجالسة الشباب في المقاهي او في “الدواوين” لأنني أقدّس الحوار ولغة الحوار تكاد تكون معدومة هناك! فقال لي إنه ذاهب الى مجموعة من أصدقائه و وعدني بأنني سأستمتع بالحديث معهم! وبالفعل التقيت بهم واستمعت بمواضيعهم المطروحة وأفكارهم الواعدة.. أحسست بعدها أن الكويت بخير  بوجود أمثال هؤلاء الشباب!

أطربني أحد الجاليسين بأشعار جادت بها قريحته الشعرية .. فسألته لم لا تطرح هذه الأشعار في مدونّة ما؟ قال إنني أملك مدونة عنوانها أدبيات وفنّون وأدوّن أشعاري بها! رُسمتْ على وجهي علامة تعجّب أكبر من التي تترأس عمود الكاتب فؤاد الهاشم! ثمّ سألته عن نوعية كتاباته في المدونة لكي أتأكد حتى تيّقنت فقلت له أنا المدوّن لولا الأمل فابتسم ثمّ قال ضاحكا  أ أنت من بدأت معرفتي بك بهوشه؟ 

أيقنت أنّ عالمي الكبير هو أيضا صغيرا! وأنّ الدنيا الجامدة لا تخلو من مداعبات القدر

تشرفنا بمعرفتك

Monday, May 2, 2011

أموات بروح وجسد



أثار انتباهي تساؤل الكاتب يوسف زيدان حين قال في روايته عزازيل:“ لماذا نموت نحن قبل أن نموت ؟ “ لا أخفيكم أني استقبلت هذا التساؤل بسخرية للوهلة الأولى ثم أعدت التفكير بعمق حتى أدركت مغزى هذا التساؤل ومن ثم استدرجتني حروفي لأكتب هذا المقالإننا يا عزيزي القارئ نأكل ونشرب ونتعايش مع كثير من الميّتين في حياتنا اليومية، ولربّما جلسنا معهم على مائدة نقاشيّة نتحاور فيها عن أمور الدنيا وهم في عداد الأمواتهم صنف مختلف من الأمواتأمواتۘ ناطقة.. أموات بروح وجسد!


الحياة دائرةٌ بدايتها الأهداف ومركزها الأمل، ندور بجاذبية مركزها من هدف الى هدف، فإذا فُفدَت 
البداية فُقدَت علّة الدوران، وإذا فُقدَ المركز خرجنا عن نطاق الحياةفي طور كتابتي لهذه الحروف تستعرض مخيّلتي مشاهد لكثير ممن اختار أن يعيش خارج هذا النطاق، منهم من ارتضى أن يكون ذلك منذ البداية واكتفى بلقمة العيشاختصرَ طريق المشقّة وأعتنق مذهب اللامبالاة هذا الصنف يحتاج إلى جرعات من الثقافة على المدى البعيد.
ومنهم من أظمأه الواقع وأفقدهُ آخر قطرة أمل، عُرفَ بطموحه وإقدامه لكنّه لم يستطع أن يستسيغ مرارة الواقع، ولحسن الحظ يشكّل هذا الصنف فئة كبيرة من المجتمعفئة مبدعة جدا لكن تنقصها الأمل و الإيمانومنهم من تتوّقف أهدافه بعد الوصول الى مرحلة روتينية معيّنة ثم يحكم على نفسه بالاعدام الذاتي ولا يكتفي بذلك بل ينقل إرث الأهداف والطموحات المحدودة إلى أطفالهشهادة، وظيفة، وأسرة فقط!.. وعلاجه اليقظة !



اخترنا نحن أن نعيش، واختار البعض أن يشاركنا الهواء، هي رسالة الى كل محُب لنفسه وللوطن قد يزدهر الوطن باستثمارات مادية عديدة، لكن لا يوجد هناك شيء يُضاهي استثمار البشر للبشريجب علينا أن نستثمر ذواتنا و أن نغرس أنفسنا فسيلا في تراب الوطن الطاهرة ليُثمر غراسنا جيلا جديدا يعي معنى الحياة.
 


نُشر في نبراس
http://nebras.nuks.org/?p=10447